جولة في معبد فيلة

جزيرة فيلة الخلابة

" من مستوى قارب صغير، تبدو الجزيرة بأشجارها وأعمدتها وكأنها ترتفع من النهر كسراب! الصخور المكدسة تحيطها من كل جوانب الجبل الأرجواني الراقد بالقرب. مع انزلاق القارب بجانب الصخور اللامعة، ترتفع الأبراج المنحوتة إلى أعالي السماء. تبدو جميعها صلبة، فخمة، وكاملة؛ لدرجة تجعل المرء ينسى أي شيء في هذه اللحظة! لا تندهش حين ترى موكب الكهنة ذوي الملابس البيضاء يحملون سفينة التابوت؛ يصحبهم صوت الهتاف العتيق محمولاً عبر النسيم بهدوء، بينما هم قادمون من جولتهم الواسعة بين النخيل والأعمدة "

تلك هي الكلمات التي وصفت بها كاتبة السفر البريطانية الشهيرة "أميليا إدواردز" تجربتها حين قامت بزيارة معبد فيلة لأول مرة في عام 1873.

معبد الفيلة

كان معبد فيلة -شأنه كشأن الأهرامات الثلاثة- بقعة سياحية شهيرة يزورها الناس من مختلف بقاع الأرض في القرني الثامن والتاسع عشر. وهؤلاء هم من حالفهم الحظ برؤية الجدران والأعمدة بألوانها الزاهية على هيئة نشأتها الأولى قديماً. لكن بعد بناء السد العالي، غمرت المياة جزيرة فيلة بأكملها لتختفي تحتها ألوان المعبد الزاهية إلى الأبد!

لحسن الحظ، أنقذ المشروع المشترك بين اليونسكو والحكومة المصرية فيلة من أعماق النيل. نُفذ المشروع خلال عشرة سنوات من عام 1970 حتى 1980. قام المهندسون أولاً ببناء سد كبير حول جزيرة فيلة، ثم أزالوا المياة بمضخات قوية. وبعد مجهودات مضنية، تم فصل معبد فيلة الذي وُصف بأنه عبارة عن 40،000 قطعة فريدة عن الجزيرة، ثم نقل المعبد بأكمله -قطعة قطعة- إلى أرض أعلى في جزيرة أخرى. ثم تعاونوا فيما بعد على رصه كقطع الأحجية ليظهر في هيئته الحقيقية قبل الغرق. ولازالت الجزيرة التي حملت معبد فيلة قديماً في أعماق بحيرة ناصر! وعلى الرغم من أن السائحين اليوم لا يمكنهم رؤية جمال فيلة الأصلي، إلا أن المعبد نفسه لازال صامداً بحالة مذهلة تمكننا من رؤية لمَ كان هذا المعبد مهمًا بالنسبة للمصريين القدماء.

أسطورة معبد الفيلة

معبد فيلة يرجع للإسم "فيلة" أو "فيلاي" الذي يُعني (الحبيبة) أو (الحبيبات) في اللغة الإغريقية. تقع الجزيرة في أقصى جنوب مصر كآخر مركز للديانة المصرية القديمة منذ 4000 عام! كانت فيلة جزيرة مقدسة ومركزًا مهمًا للعبادة مكرسًا لعبادة إيزيس التي تعد وزوجها أوزوريس وابنهما حورس أهم ثلاث شخصيات في الأساطير المصرية القديمة. تشابهت قصتهم مع واحدة من أكثر كتابات شكسبير مأساوية. مثلت إيزيس إحدى أهم الشخصيات في العالم القديم. عُرفت كمعالجة، واهبة للحياة، وحاميةً للملوك! لم تشتهر أسطورتها فقط في زمن المصريين القدماء، لكنها إنتشرت في جميع أنحاء اليونان والإمبراطورية الرومانية؛ بل وشُيد لها لاحقاً معبداً خاصاً في لندن!

تحكي الأسطورة عن جدال صغير بين أوزوريس وشقيقه ست أدي إلى معركة كبيرة بين الأخوين، تمكن فيها ست من قتل أوزوريس وتقطيع جثته إلى عدة قطع تناثرت حول مصر. فتشت إيزيس -الزوجة المتفانية- في كل بقاع مصر حتى عثرت على جميع قطع جسم زوجها. وبفضل قوتها السحرية، نجحت في إعادة أوزوريس إلى الحياة لفترة وجيزة ولدت خلالها إبنهما حورس! نشأ حورس في أحراش الدلتا وحين أصبح رجلاً، انتقم لوالده وقتل عمه ست. وفقًا للأسطورة، فإن جزيرة فيلة هي المكان الذي وجدت فيه إيزيس قلب أوزوريس، قبل أن تقوم بدفنه في جزيرة قريبة.

عرض الصوت والضوء بمعبد فيلة

عروضنا تُخبرك بقصص الآلهة المصرية كأوزوريس وإيزيس؛ تعرف على حياتهم و أمجادهم! ماذا ستقول إيزيس اليوم إن علمت أن معبدها كان غارقاً في الماء لعدة عقود؟ لن تكون سعيدة بالتأكيد، لكنها ستكون فخورة بـ "فيلة" الآن بعد أن وُلدت من جديد لكي يتمكن الزوار الجدد من رؤية مجدها عاماً بعد عام.

مستعد لرحلتنا؟

ما رأيك أن نستكشف معاً أرض الجزيرة حيث وُجد قلب أوزوريس؟ نسترق منها أسراراً تخبرنا كيف عاش القدماء! وكيف صمدت معابدهم على مر ألافاً من السنين! إتبعنا لنتجول بين طيات تاريخ قدماء المصريين بتفاصيله المثيرة من خلال عرض الصوت والضوء بمعبد فيلة